الاثنين، 29 أكتوبر 2007

الطلاسم - ايليا أبو ماضي



جئت لا أعلم من اين ، ولكني أتيت
ولقد أبصرت قدامي طريقا فمشيت
وسأبقى ماشيا ان شئت هذا أم أبيت
كيف جئت؟ كيف أبصرت طريقي؟
لست أدري!


أجديد أم قديم أنا في هذا الوجود
هل انا حر طليق أم أسير في قيود
هل أنا قائد نفسي في حياتي أم مقود
أتمنى أنني أدري ولكن..
لست أدري!

***

البحر:
قد سألت البحر يوما هل أنا يابحرمنكا؟
هل صحيح مارواه بعضهم عني وعنكا؟
أم ترى مازعموا زوراً وبهتانا وافكا؟
ضحكت أمواجه مني وقالت:
لست أدري!


أنت يابحر أسير أه ما أعظم أسرك
أنت مثلي أيها الجبار لا تملك أمرك
أشبهت حالك حالي وحكى عذري عذرك
فمتــى أنــجــو من الأسر وتنجو؟
لست أدري !


قد سألت السحب في الأفاق هل تذكر رملك
وسألت الشجر المورق هل يعرف فضلك
وسألت الدر في الأعناق هل تذكر أصلك
وكأني خلتها قالت جميعا:
لست أدري !


يرقص الموج وفي قاعك حرب لن تزولا
تخلق الأسماك لكن تخلق الحوت الأكولا
قد جمعت الموت في صدرك والعيش الجميلا
ليت شعري أنت مهد أم ضريح؟..
لست أدري !


كم فتاة مثل ليلى وفتى كأبن الملوح
أنفقا الساعات في الشاطيء، تشكو وهو يشرح
كلما حدث أصغف واذا قالت ترنح
أحفيف الموج سر ضيعاه ؟
لست أدري !


فيك مثلي أيها الجبار أصداف ورمل
انما أنت بلا ظل ولي في الأرض ظل
انما انت بلا عقل ولي،يابحر،عقل
فلماذا ،ياترى ، أمضي وتبقى ؟..
لست أدري!


ان في صدري، يابحر، لأسرارا عجابا
نزل السترُ عليها وأنا كنت الحجابا
ولذا أزداد بعدا كلما أزددت أقترابا
وأراني كلما أوشكت أدري..
لست أدري !

***

بين المقابر:
ولقد قلت لنفسي، وأنا بين المقابر
هل رأيت الأمن الراحه الا في الحفائر؟
فأشارت: فاذا للدود عيث في المحاجر
ثم قالت: أيها السائل اني.....
لست أدري!


أنظري كيف تساوى الكل في هذا المكان
وتلاشى في بقايا العبد رب الصولجان
والتقى العاشق والقالي فما يفترقان
أفهذا منتهى العدل؟ فقالت:
لست أدري !

***

القصر والكوخ :

كم قصور خالها الباني ستبقى وتدوم
ثابيتات كالرواسي خالدات كالنجوم
سحب الدهر عليها ذيله فهي رسوم
مالنا نبني وما نبني وما نبني لهدم ؟..
لست أدري !

***

الفكر :

رب فكر لاح في لوحة نفسي وتجلى
خلته مني ولكن لم يقم حتى تولى
مثل طيف لاح في بئر قليلا وأضمحلا
كيف وافي ولماذا فر مني ؟
لست أدري !

***

صراع وعراك:

أني أشهد في نفسي صراعا وعراكا
وأرى ذاتي شيطانا وأحيانا ملاكا
هل أنا شخصان يأبى هذا مع هذاك أشتراكا
أم تراني واهنا فيما أراه ؟
لست أدري !


بينما قلبي يحكي في الضحى احدى الخمائل
فيه أزهار وأطيار تغني وجداول
أقبل العصر فأمسى موحشا كالفقر قاحل
كيف صار القلب روضا ثم قفرا ؟
لست أدري !


كل يوم لي شأن، كل حين لي شعور
هل أنا اليوم أنا منذ ليال وشهور
أم أنا عند غروب الشمس غيري في البكور
كلما سألت نفسي جاوبتني:
لست أدري !


رب قبيح عند زيد هو حسنُ عند بكر
فهما ضدان فيه وهو وهم عند عمرو
فمن الصادق فما يدعيه ، ليت شعري
ولمـــــاذا ليس للحسن قياس؟
لست أدري !


قد رأيت الحسن ينسى مثلما تنسى العيوب
وطلوع الشمس يرجى مثلما يرجى الغروب
ورأيت الشر مثل الخير يمضي ويؤوب
فلمـــــاذا أحسب الشر دخيلا ؟
لست أدري !


قد يصير الشوك اكليلا لملك أو نبي
ويصير الورد في عروة لص أو بغي
أيغار الشوك في الحقل من الزهر الجني
أم ترى يحسبه أحقر منه ؟
لست أدري !


قد يقيني الخطر الشوك الذي يجرح كفي
ويكون السم في العطر الذي يملأ أنفي
أنما الورد هو الأفضل في شرعي وعرفي
وهو شرع كله ظلم ، لكن....
لست أدري !


أأنا أفصح من عصفورة الوادي وأعذب ؟
ومن الزهرة أشهى ؟ وشذى الزهرة أطيب؟
ومن الحية أدهى؟ ومن النمله أغرب؟
أم أنا أوضع من هذي وأدنى؟
لست أدري !



أنا لا أذكر شيئا من حياتي الماضيه
أنا لا أعرف شيئا من حياتي الأتيه
لي ذات غير اني لست أدري ماهيه
فمتى تعرف ذاتي كنة ذاتي ؟
لست أدري !