الأربعاء، 19 يناير 2011

سميح القاسم: أطفال سنة 1948

كَوَمٌ من السمك المقدّد في الأزقة . في الزوايا

تلهو بما ترك التتار الانكليز من البقايا

أُنبوبةٌ.. و حطام طائرةٍ.. و ناقلةٌ هشيمه

و مدافع محروقة.. و ثياب جنديٍّ قديمه

و قنابل مشلولة.. و قنابل صارت شظايا

***

((يا اخوتي السمر العراة.. و يا روايتيَ الأليمه

غنّوا طويلاً و ارقصوا بين الكوارث و الخطايا ))

لم يقرأوا عن (( دنُ كشوت )) و عن خرافات القتال

و يجنّدون كتائباً تُفني كتائب في الخيال

فرسانها في الجوع تزحف.. و العصيُّ لها بنادق

و تشدّ للجبناء، في أغصان ليمونٍ، مشانق

و الشاربون من الدماء لهم وسامات الرجال

***

يا اخوتي !

آباؤنا لم يغرسوا غير الأساطير السقيمه

و اليتم.. و الرؤيا العقيمه

فلنجنِ من غرسِ الجهالة و الخيانة و الجريمه

فلنجنِ من خبز التمزّقِ.. نكبة الجوع العضال

***

يا اخوتي السمر الجياع الحالمين ببعض رايه

يا اخوتي المتشرّدين و يا قصيدتيَ الشقيّه

ما زال عند الطيّبين، من الرثاء لنا بقيّه

ما زال في تاريخنا سطر.. لخاتمة الروايه !

الاثنين، 17 يناير 2011

محمود درويش: كيف نُشقى من حب تونس


كيف نُشفى من حب تونس !
كيف نشفى من حب تونس الذي يجري فينا مجرى النفس
لقد راينا في تونس من الالفة و الحنان والسند السمح ما لم نرى في اي مكان اخر
لذلك نخرج منها كما لم نخرج من اي مكان اخر
نقفز من حضنها الى موطئ القدم الاول
في ساحة الوطن الخلفية
بعدما تجلت لنا فيها
في البشر و الشجر و الحجر
صور ارواحنا المحلقة كعاملات النحل على ازهار السياج البعيد
في هذا الوداع أحبكِ يا تونس أكثر مما كنا نعرف
نرسب في صمت الوداع الحزين شفافية تجرح
ونُصفي كثافة مركزة الى حد العتمة التي تحل بالعشاق
ما أجمل الأسرار الكامنة وراء الباب الموارب، وراء بابك
وهو المساحة المثالية لتعامل الشاعر الحاذق مع العناصر التبادلية للقصيدة.
فهل نقول لك شكرا؟!
لم أسمع عاشقين يقولان شكرا ...
لم أسمع ابدا عاشقين يقولان شكرا ولكن شكرا لك لأنك انت من أنت.
حافظي على نفسك يا تونس.
سنلتقي غدا على أرض اختك: فلسطين.
هل نسينا شيئا ورائنا؟!
نعم، نسينا القلب وتركنا فيك خير ما فينا،
تركنا فيك شهداءنا الذين نوصيك بهم خيرا
نوصيك بهم خيراً